حين يرسم القدر وجه الحبيب قبل اللقاء

على حافة الرسمة: قصة رومانسية عن فنانة تجد الحب في ملامح رجل مجهول
✍بقلم الكاتبة: اماني محمد |موقع قصص وروايات
تقرؤون اليوم قصة رومانسية تدور حول فنانة ترسم وجهاً من خيالها، لتفاجأ بأن صاحب الملامح يظهر أمامها في معرض فني. لقاء غريب يتحول إلى بداية علاقة دافئة تجمع بين الفن والمشاعر والقدر.
🖋بداية القصة:
كانت ريم تمسك قلم الفحم كأنها تمسك شيئاً من روحها. كانت رسامة موهوبة، لكن في الأيام الأخيرة لم تكن قادرة على إنهاء أي لوحة. كلما حاولت، شعرت أن شيئاً ما ناقص. وكأن ملامح الشخص الذي تريد رسمه ليست واضحة بعد.
في تلك الليلة، جلست أمام الورقة البيضاء، وأغمضت عينيها. تركت يدها تتحرك وحدها. خطوط عشوائية في البداية، ثم أكثر دقة. لم تفكر، لم تخطط، اكتفت بالاستسلام للإلهام.
بعد ساعة فُتحت عيناها على وجه رجل لم تره من قبل. ملامحه هادئة، عيناه تحملان عمقاً يشبه الحديث الصامت. نظرت إلى الرسم بدهشة وقالت لنفسها:
“من أنت؟ ولماذا خرجت من بين يدي بهذا الوضوح؟”
لم تكن تعرف الإجابة، لكنها شعرت أن هناك شيئاً غريباً. قضت الليل تتأمل الرسم، كأنها تبحث عن قصة خلف تلك الملامح. كلما حاولت تمزيقه، لم تستطع. كانت تشعر أنه يخص شخصاً حقيقياً.
في اليوم التالي، أخذت اللوحة وخرجت إلى معرض صغير تديره صديقتها ميس. ما إن رأت ميس اللوحة حتى قالت:
“ريم، هذه ليست مجرد رسمة. هذه قصة.”
علّقت ريم اللوحة في زاوية المعرض، بلا اسم، بلا عنوان. تركتها كما هي، محاطة بغموض جميل.
في اليوم التالي، وبينما كانت ترتب بعض اللوحات، سمعت صوت رجل يسأل:
“من صاحب هذه الرسمة؟”
التفتت لتجده يقف أمام اللوحة، يتأملها بعينين متسعتين. كان يشبه الرسمة بشكل غريب، بدرجة جعلت قلبها يضطرب.
قالت له: “أنا من رسمتها.”
التفت إليها وكأنه يبحث عن شيء في ملامحها.
“هل رسمتِ هذا الوجه من صورة؟”
هزّت رأسها: “لا. رسمته من خيالي.”
اقترب خطوة، كأنه لا يصدق.
“غريب… هذا وجهي.”
تجمدت ريم في مكانها. لم تكن تتوقع الكلمات، ولا التشابه الكبير الذي لا يمكن إنكاره. شعرت بالارتباك يعصف بها.
قالت بصوت منخفض: “هذا مستحيل… لم أرك من قبل.”
ابتسم بخجل:
“اسمي هيثم. كنت أمرّ بالصدفة ورأيت اللوحة من بعيد. شعرت أنني أعرف هذا المكان… أو أعرف الشخص الذي رسمه.”
جلسا في زاوية المعرض، وبدأ الحديث بينهما. كان عازفاً للكمان، يعمل في مسرح صغير. أخبرها أنه اعتاد الشعور بأن هناك شيئاً ناقصاً في أيامه، وكأنه يبحث عن معرفة لا يعرف مصدرها.
قال لها وهو ينظر إلى اللوحة:
“ربما كنتِ ترسمين شعوراً، لا وجهاً.”
ردت: “وربما كنتُ أرسمك… قبل أن ألتقي بك.”
ضحك بخفة، لكن قلبه صدّقها. كان هناك شيء أكبر من المصادفة.
على مدى الأيام التالية، أصبح يزور المعرض أكثر من مرة. كانت ريم تشعر بالراحة حين يتحدثان. كان يشبه الرسم، لكنه أكثر حياة، أكثر دفئاً. كل يوم كانت تكتشف أن قلبها ينفتح ببطء كما لو كان ينتظر هذه اللحظة منذ زمن.
في أحد الأيام، قال وهو يقترب من اللوحة:
“لو سمحتِ لي… أريد أن أشتريها.”
سألته: “ولماذا؟”
أجاب بابتسامة صادقة:
“لأنها المرة الأولى التي أشعر فيها أن جزءاً مني كان موجوداً قبل أن أصل.”
ترددت قليلاً، ثم قالت:
“إذا أخذتها… هل ستأخذني معها؟”
كان السؤال جريئاً، لكنه خرج منها دون تفكير.
اقترب منها، ونظر إليها نظرة طويلة، ثم قال بهدوء:
“أعتقد أن الرسمة أرادت ذلك منذ البداية.”
ومن تلك اللحظة، لم تعد العلاقة مجرد لوحة ووجه. أصبحت قصة حقيقية بدأت بخط عفوي على ورق، وانتهت بحياة جديدة تجمع بين قلبين لم يلتقيا إلا لأن القدر قرر أن الفن أحياناً يرسم الطريق قبل أن تُرسم المشاعر.
✅ الفقرة الختامية
هذه القصة تذكّر القارئ أن بعض الرسومات ليست فناً فقط، بل إشارات يرسلها القدر قبل أن تتحرك الحياة في الاتجاه الصحيح. أحياناً نرسم الأشخاص قبل أن نلتقيهم، ونشعر بالحب قبل أن نفهم سببه.