قصة أغنية في الرسالة

أغنية في الرسالة: قصة رومانسية عن حب يبدأ صدفة بين سطور الكلمات
✍بقلم الكاتبة :لبنى المقطري |موقع قصص وروايات
سوف تقرؤون اليوم قصة رومانسية تبدأ برسالة تصل بالخطأ لتقود شابين إلى علاقة تنمو بين الكلمات والمشاعر الهادئة. أحداث لطيفة تربط بين الكتابة والموسيقى وتنتهي بلقاء يكشف أن الصدف أحياناً تحمل بداية حب حقيقي.
بداية القصة
كانت ليلة هادئة حين استقبل آدم إشعاراً على هاتفه بعنوان:
“إلى سارة… من القلب.”
لم يهتم في البداية، ظن أنها رسالة ترويجية. لكنه حين فتحها بدافع الفضول، اكتشف كلمات طويلة مليئة بالاعتذار، والذكريات، والشوق. كانت رسالة مؤثرة كتبتها فتاة لشخص تحبه وتشعر أنها خذلته.
قرأ السطور بتركيز غريب، رغم أنه لا يعرف أصحابها. أكثر ما أثار انتباهه جملة في النهاية:
“أتمنى أن تسمع هذه الرسالة قبل أن أتوقف عن الانتظار.”
شعر بشيء يشده لمعرفة الحقيقة. كان واضحاً أن الرسالة وصلت إليه بالخطأ، فالعنوان لا يخصه، ورقم المرسل غير محفوظ. بعد دقائق من التفكير، قرر أن يكتب للمرسلة حتى يوضح لها وصول رسالتها لغير صاحبها.
كتب لها:
“مساء الخير، أعتقد أن الرسالة ليست لي. وصلت بالخطأ. كلماتك صادقة… وأظن أنها تستحق أن تصل للشخص الصحيح.”
بعد عشر دقائق فقط، جاءت الردود بسرعة مفاجئة:
“اعتذر. لم أكن منتبهة. شكراً لأنك قلت هذا.”
لم تنتهِ عند هذا الحد. كتبت بعدها:
“هل… قرأت كل شيء؟”
تردد، ثم كتب بصراحة:
“نعم. كلماتك مؤثرة.”
من هنا بدأ كل شيء. لم يعرف كيف تحول الحديث القصير إلى حوار طويل امتد لساعة. كانت “مي” تكتب بطريقة هادئة، كأنها تتنفس بين كل كلمة وأخرى. لم تكن تبكي على ذكرى رجل رحل فقط، بل كانت تعترف لنفسها أن مشاعرها لم تعد كما كانت.
بدأ آدم يشعر أن الرسالة لم تكن مجرد خطأ، بل باب فتحه القدر بطريقة غير متوقعة.
مرّت الأيام، وأصبح الحديث بينهما عادة مسائية. كانت تخبره عن شغفها بالكتابة، وهو يخبرها عن حبه للموسيقى. كانت تقول له إنها تجد الراحة حين يقرأ كلماتها، وكان يشعر أنه يسمع موسيقى جديدة في حديثها.
مع الوقت، جعلته يقرأ مسودات قصصها، وهو يرسل لها ألحاناً يعزفها على قيثارته القديمة. كل يوم كان يكشف لهما جزءاً جديداً من بعضهما.
في إحدى الليالي كتبت له:
“آدم، هل فكرت يوماً أن الكلمات وحدها قد تصنع ارتباطاً؟”
أجاب بعد لحظة صمت:
“نعم، حين تكون كلمات من شخص يشبه أغنية لا تنسى.”
لم ترد. استغرق ذلك خمس دقائق طويلة، ثم جاءت الرسالة:
“أظن أني بدأت أخاف من القرب.”
كتب لها:
“الخوف طبيعي. المهم ألا نخاف من الحقيقة.”
وبعد تلك الليلة، تغيّرت الأمور. أصبحت رسائلها أقل. لم تعد ترسل له كلمات طويلة، ولا تشاركه كتاباتها كما كانت تفعل.
سألها أخيراً:
“هل حدث شيء؟”
جاء الرد مختصراً:
“ربما اقتربت أكثر مما يجب.”
لم يشأ أن يضغط عليها، لكنه شعر أن الصمت قد يخسرها. كتب لها:
“إذا أردتِ أن نكمل، أنا هنا. وإذا أردتِ الابتعاد، سأحترم قرارك. فقط لا تختفي دون كلمة.”
مرّت ساعة طويلة دون رد. في الثانية والنصف فجراً، وصلت رسالة أخيرة:
“إذا أردت أن تعرف الحقيقة… تعال غداً إلى المقهى قرب المكتبة القديمة. الساعة الخامسة.”
في اليوم التالي، جلس آدم ينتظر، وقلبه يتسابق مع عقله. كانت المرة الأولى التي يواجه فيها مشاعره بهذه القوة.
عند الساعة الخامسة تماماً دخلت مي. كانت تحمل حقيبتها ودفترها المعتاد. كانت ملامحها أكثر خجلاً مما توقع، لكنها ابتسمت حين رأت عينيه.
اقتربت وجلست أمامه.
قالت بصوت منخفض:
“أرسلت لك رسالة بالخطأ… وفجأة أصبح الخطأ أجمل شيء حدث لي.”
نظر إليها بثقة لم يشعر بها من قبل.
“لا أريد أن تكون علاقتنا مجرد أغنية قصيرة. أريدها قصة كاملة.”
ابتسمت بخجل، وقالت:
“لنبدأها، طالما بدأت بين الكلمات.”
✅ فقرة ختامية:
هذه القصة تذكّر القارئ أن بعض الصدف ليست صدفة. رسالة تصل بالخطأ قد تفتح باباً للحب، وحوار بسيط قد يغيّر مصير شخصين. الكلمات قد تُشفى، وقد تجمع قلبين لم يلتقيا بعد.